يخشى الظلام .. انقطاع التيار الكهربي كان يعني له نهاية الكون .. ربما ارتجف ذعرا .. احيانا يبكي هلعا .. انه الظلام الكئيب المريع .. كانت بلا شك تجربة قاسية .. جعلت منه الرجل الذي هو عليه .. جعلته يمقت الظلام .. منذ ذلك الحين ادرك ان الظلام كائن اسطوري بغيض .. يضفي لمسته الماجنة على كل شيء .. مازال يذكر تلك الليلة جيدا حينما كان وحيدا في المستشفى التي يعمل بها .. موظف استقبال .. لم يفارق ذهنه بعد هذا الوجه البريء الذي لم يكن يحمل اي تعبيرات على الاطلاق .. وجه الطفل الغريق الذي اتى اليوم بعد ان فارق الحياة .. كان المشهد بدموعه لم يفارقا مخيلته بعد .. ثم انقطع التيار الكهربي .. في اسوء توقيت ممكن .. كان يعرف ان المولد الاحتياطي سيعمل الآن .. ما هي الا دقيقة و يعود التيار .. سينقشع هذا الظلام المريع .. لابد ان يزول .. لكنه سمع تلك الضحكة .. ضحكة مرحة .. ضحكة طفل .. ثمه وقع خطوات تعدو هنا و هناك في الردهة الممتدة امامه بلا نهاية .. كاد ان يتوقف قلبه هلعا .. الضحكات المرحة الطفوليه تتعالى و تأتي من كل مكان .. من هناك !! .. قالها مذعورا .. سرعان ما اخرج قداحته .. حاول ان يشعلها .. تشلنك .. تشلنننننك .. محاولات يائسة .. ايقاع الخطوات اوضح من اللازم .. استجمع ما بقى من ادراكه و تششششششششلنك .. وجه طفل بريء لا يحمل اي تعبيرات يحدق فيه مباشرة .. يحدق بعينين متوهجتين .. كتلتين من الجحيم .. فقط على بعد سنتيمترات من ارنبة انفه .. ثم ابتسم اقسى ابتسامة يمكن ان يبتسمها طفل .. كان هذا في جزء من الثانية .. الجزء الذي غمر المكان ضوء القداحة الواهن الضعيف المرتعد .. صرخ .. صرخ .. عاد التيار .. الضوء المبهر يغمر المكان .. سقط متهاويا على مقعده .. بكى .. اجهش في البكاء .. اخذ يردد بعض الآيات القرآنية بصوت مرتجف .. و منذ تلك اللحظة .. لم يكن ليجلس ابدا في الظلام .. مع ذلك لم يفارقه ذلك الصوت .. كلما انقطع التيار .. او مر في مكان مظلم .. صوت ضحكة مرحة .. ضحكة طفل لا يحمل وجهه اي تعبيرات على الاطلاق
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment